ظهر فيروس الكورونا التاجي في بداية عام 2020 ليجعل من هذا العام أسوأ الأعوام اقتصادياً على الإطلاق. قامت الحكومات بالتصدي إلى انتشار فيروس الكورونا وذلك بإغلاق متاجرها ومطاراتها وحدودها. أثر هذا الإغلاق العام على عاملين أساسين بخلاف الاقتصاد القومي للبلاد. يتمثل العامل الأول في السياحة، حيث تأثرت السياحة بالسلب في جميع مناطق جذب السُياح، وعلى أثره تأثر العاملين في قطاع السياحة. بينما يتمثل العامل الثاني في الحالة النفسية للأفراد من جميع الفئات. تأثرت الحالة النفسية على نحو سلبي للغاية وذلك نتيجة لعدم القدرة على السفر أو التجول في البلاد أو زيارة المناطق الجديدة المُخطط زيارتها خلال فترة الكورونا. ولكن، على الرغم من هذه العوامل السلبية، إلا أن الحالة النفسية ومستوى السياحة ارتفعوا ضمنياً بسبب الجولات الإلكترونية. إذا لم تسمع عن هذا الأمر بعد، فانضم إلينا الآن.
الجولات الافتراضية الأولى من نوعها
بعد شهور من الإغلاق العام والتام لجميع مناطق جذب السياح، لاسيما في المتاحف والمناطق الأثرية، طلت علينا الحكومات بالجولات الافتراضية. تؤمن المتاحف والأماكن الأثرية بضرورة التواصل مع الإنسان على نحو مباشر وعميق وتؤكد على عدم سماحها بالانفصال عن سُياحها على الإطلاق. لذلك، حتى في ظل أزمة الكورونا والتصدي لانتشاره المُرعب، لم تيأس المتاحف ووجدت الحل في الجولات الافتراضية. قامت البلاد بالسماح للمتاحف ومناطق الجذب بالاستعانة بالتكنولوجيا والتقنيات الحديثة حتى تُحيي ذكراها مرة أخرى وتُمتع المشاهد (السائح) بمناظرها وآثارها حتى في ظل الأزمة الراهنة. هكذا يبدو المشهد العالمي الذي فيه فتحت المتاحف أبوابها الإلكترونية على مصرعيها لتستقبل الملايين من السياح والمشاهدين من جميع أنحاء العالم في جولة في المتحف للتعرف على تفاصيله ولسماع قصص هؤلاء المُحنطين هُناك. لم تكن تقنية الجولات الافتراضية تقنية حديثة الظهور، بل كانت تُستخدم كثيراً في البلاد المُتقدمة وذلك عندما لا يُسنح للسُياح دخول مناطق مُعينة من المتاحف وذلك أثناء ترميمها أو تصليحها. ولكن، لم تكن هذه الظاهرة منتشرة في بلادنا العربية ولم نكن نعي بأنه بإمكاننا جميعاً التجول في متاحفنا ومتاحف وآثار الشعوب الأخرى ونحن جالسين على الأريكة نحتسي القهوة أو نستمتع بالفشار اللذيذ.
متحف البحرين
قامت مملكة البحرين بالإعلان عن تصديها الكامل لانتشار فيروس الكورونا ووجوب التعامل معه بجدية شديدة. ولكن على الناحية الأخرى، صرحت البحرين بأنه لا يُمكن لها بإغلاق حضارتها ومتاحفها في وجوه السُياح الراغبين في الاستمتاع بهم والتعرف على تاريخهم وأثارهم. لذلك، تولت هيئة البحرين للثقافة والآثار التقنية التجول افتراضياً في متاحف البحرين جميعها. أصبحت آثار ومتاحف البحرين تنتقل عبر الفضاء الإلكتروني وقد أقبل عليها الكثير من الزوار على مستوى العالم. تجول السياح والمشاهدين متحف البحرين الوطني ومركز زوار مسجد الخميس الذي له طابع ديني مميز. إلى جانب ذلك، أقبل الكثيرين على مشاهدة قلعة الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح وباب وقلعة البحرين العظيمين. ليس هذا فقط، بل استقبلت البحرين الكثيرين من الفنانين والرسامين إلى سلسلة معرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية الذي عرض الكثير من اللوحات التشكيلية التي استمتع بتفاصيلها وألوانها من انضموا لجولة البحرين حول متاحفها.
متاحف مصر العربية
تُعتبر مصر من أكثر البلاد التي تملك آثار حيث تمتلك مصر حوالي ثلثي آثار العالم. تعتمد مصر في سياحتها على السياحة حول المتاحف والآثار والمعابد التي ترجع تاريخها إلى عصر الفراعنة العظيم. تستقبل مصر سنوياً ملايين من السُياح لمشاهدة ورؤية الآثار والمعابد والمتاحف التي ليس لها مثيل في العالم. بالطبع لم تُغلق مصر أبوابها في أوجه السُياح بل فتحت متاحفها ومعابدها وجميع آثارها للعرض عبر المنصات الإلكترونية والافتراضية لجميع سُياح العالم. أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية بافتتاح جولة إلكترونية حول المتحف المصري الذين سيتمكن من خلاله السُياح والمشاهدين من التعرف على معمل ترميم الأخشاب الخاص به والكشف عن الكثير من أعمال وترميمات كنوز الملك توت عنخ آمون والكثير من الكنوز والآثار الأخرى التي لم تكشف عنها الوزارة من قبل هذه الجولة الافتراضية. ليس هذا فقط، بل شملت الأماكن التي فتحت أبوابها للمنصات الافتراضية جولة في مقابر بني حسن الأثرية في مصر والتي يصعب على السُياح زيارتها في الأحوال العادية. ولكن الآن يُمكن للجميع الاطلاع عليها والتحول فيها والتعرف على قصص المدفونين هُناك. لم تتوقف الجولات الافتراضية في مصر عند هذا الحد، بل شملت واحتوت جولة افتراضية لمتحف جاير أندرسون، وبيت الكريتلية الذي يعكس معالم وديكورات وثقافة وطرز العمارة الإسلامية في العصر العثماني.
متحف اللوفر باريس
هل حلمت من قبل بزيارة متحف اللوفر في باريس من قبل؟ بالطبع، أليس كذلك؟! باريس هي مدينة السحر والجمال ومتحف اللوفر هو مكان العراقة والأصالة والفخامة التي لا حدود لها. أعلنت باريس عن جولتها الافتراضية التي سجلت عشرة أضعاف زيادة في أعداد المشاهدين والسُياح في الجولة الافتراضية بالمقارنة بعدد السُياح المُترددين على متحف اللوفر سنوياً. أصبح متحف اللوفر حالياً يستقبل من 40 ألفا إلى 400 ألف زائر يومياً. انضم إلى متحف اللوفر الكثير من الأماكن الأخرى مثل المتحف البريطاني ومتحف ريكز في هولندا ومتحف جوجنهايم في نيويورك.
هل تحل المتاحف الافتراضية المتاحف الحقيقية؟
بعد نجاح الجولات الافتراضية حول المتاحف، تسأل الكثيرين حول العالم ما إذا كانت ستحل المتاحف الافتراضية محل المتاحف الحقيقية. حقيقة الأمر، بأننا لا نعلم ما إذا كانت ستحل هذه الجولات الافتراضية المتاحف الحقيقية. ولكن، دعنا ننظر إلى الجانب المشرق وهو أننا في جميع الأحوال والأوقات نستطيع الاستمتاع بالمتاحف والتعرف على الآثار حول العالم!